الرأي

التطبيع ليس أحمرَ ولا أزرقَ

الأسبوع الماضي وقع لبنان اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل، وفي هذا الصدد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن هذا يعني أن لبنان من خلال موافقته على الاتفاق على ترسيم حدوده البحرية مع الدولة العبرية بوساطة أمريكية اعترف بدولة إسرائيل ووصف ذلك بأنه «إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره»، وأيده في قوله العديد من المتابعين للشأن اللبناني وقال بعضهم إن «هذا التطبيع الاقتصادي بين إسرائيل ولبنان لا يختلف في المظهر والجوهر عن التطبيع بين إسرائيل وأي دولة عربية أخرى فيما عدا أنه تم بمباركة حزب الله الذي يرفع لواء التطبيع خيانة والذي قال زعيمه إن هذا التطبيع حلال ونصر مبين».

قصة تكشف حجم الزيف الذي يعيشه هذا الحزب، فأن يعتبر ذلك حلالاً ونصراً مبيناً ولا يعتبره تطبيعاً بينما يصف كل تواصل مع دولة إسرائيل تطبيعاً ويقرر أنه حرام وخيانة وجريمة فإن هذا يكفي لتبين حجم التناقض الذي يعيشه ويعيشه معه رافعو شعارات «الموت لإسرائيل» والذين لم يعجبهم جنوح بعض الدول العربية والخليجية للسلم.

واقع الحال يؤكد أن الاتفاق هو بين حزب الله وإسرائيل أكثر منه بين لبنان وإسرائيل لأن الحكم في لبنان لم يكن يمكنه الإقدام على هذه الخطوة من دون رضا حزب الله وزعيمه وإيران التي أسسته وتموله. وسواء تحقق الاتفاق نتيجة تهديد نصر الله لإسرائيل بعدم السماح لها باستخراج الغاز من حقل كاريش قبل الاتفاق على ترسيم الحدود والسماح للبنان بالتنقيب عن موارده أو نتيجة اعتبارات أخرى فإن ما حصل هو تطبيع بين لبنان وإسرائيل بل بين حزب الله وإسرائيل، وبالتأكيد فإن كل ما قاله لبنان وحزب الله من كلام ملخصه أن الاتفاق ليس ثنائياً وإنه لا يعطي شرعية لإسرائيل وليس اعترافاً بها يدخل في باب الضحك على رافضي التطبيع، فالتطبيع تطبيع.. ليس أحمرَ ولا أزرقَ.