الرأي

افتخر فأنت معلمنا

معلمي، كلمة تمس أعماق قلبي، فهي تذكرني بأول حرف رسمته في دفتري، وأول كلمة قرأتها من كتابي، وتلك السبورة البيضاء التي تتراقص على سطحها يدك برشاقة وبراعة وكأنها يد فنان ترسم لوحة أو يد مهندس يخطط مجمعاً، فيدك أبلغ من ذلك لأنها تخطط عقلي ليعرف كيف يفكر وقلبي ليعرف بماذا يؤمن ويعرف قيمه وثوابت أمته فيتمسك بها.

أيا معلمي.. كنت بالنسبة لي جبلاً أشم، كم حلمت أن أكون مثلك، يزخر عقلي بالعلم كعقلك، فأنت تجيبني على كل سؤال يحيرني، وكم تعلمت منك حسن السلوك فبحكمتك ورجاحة عقلك كنت أستنير، وبحزمك ورحمتك رسمت شخصيتي، وبك أنت أصبحت أنا فكلمة فما أنا إلا ثمرة جهدك الذي بذلته لتصيغ شخصيتي، وكل ما تعلمته منك أضاف إلى تكويني.

أيا معلمي.. أنت محل تقديري وإن لم أفصح عن هذا الشعور، أنت محل ثقتي وإن لم أعبر عن هذا بكلمات، فكل ما تعلمته منك يلازمني طوال حياتي فأذكر وأدعو لك في ظهر الغيب وإن خانتني الكلمات عن التعبير، ثق أن قلبي يخفق كلما ذكرتك تبجيلاً وتقديراً، أفصح لك عن مشاعري بهذه العبارات في يوم يحتفل العالم بعطائك، أما أنا فأحتفل كل يوم بأثرك في شخصيتي.

أيا معلمي.. كم سمعتك تتحسر وتشعر بالأسى لأن طلابك لا يقدرون عطاءك ولا يجتهدون لنيل العلم منك، مهلاً معلمي!! فأنت مخطئ، إننا نقدرك ونقتدي بك، وكم تحدثنا عنك في مجالسنا، بل وحتى لأبنائنا، لكننا عندما كنا نقف أمامك ونحن لم نكن نملك القدرة على التعبير عن تقديرنا لك، ربما لأن ثقافة مجتمعنا لا تسمح لنا بإتقان فن التعبير عن الشكر، أو لأننا نخشى أن نتهم بالنفاق والتملق، أو لربما لأننا لم نتعود على التعبير عن مشاعرنا الإيجابية.

مهلاً معلمي.. اقرأ تقديرنا لك في سلوكنا الذي بات يشبهك، اقرأ تقديرنا في ذاك الانستغرام الذي نكتب في مربعاته كلمات التقدير التي يعجز لساننا عن قوله، اقرأ تقديرنا لك في لهفتنا عندما نلقاك بعد أن كبرنا وتقلدنا مناصب فنظل ممتنين لك ولجهودك، كم أتمنى أن تغيب نبرة الإحباط من صوتك ذلك الشعور الذي يلازمك فشكواك من عدم التقدير يثير دهشتي، كم أتمنى أن يتجرد صوتك من الشعور بالأسى لأنك تقاعدت ولازلت معلماً، فمكانك كمعلم يترك أثراً بين أبناء وطنك أكثر من لو كنت تشغل وظيفة أخرى، كم أتمنى أن تعتز بمهنتك وتفخر بها لأننا نعتز بك ونفخر بأنك معلمنا.. ودمتَ لنا سالماً.