الرأي

مجدداً.. عملاء إيران وتهديد السفارات



يعود النظام الإيراني مجدداً عبر أذرعه وعملائه إلى التهديد والوعيد باستهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية، وهو عمل مرتبط تاريخياً بهذا النظام، وهذه المرة فإن التهديد يطال سفارة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في لبنان عبر أحد الإرهابيين الفارين من حكم قضائي في السعودية، والمقيم في لبنان تحت مظلة حزب الله الإرهابي.

ولعل «اختراع» هذا العميل للنظام الإيراني ولحزب الله قصة تتعلق بعائلته، وادعاءه استهدافها من الحكومة السعودية، لم يكن سوى عذر أراد النظام الإيراني وحزب الله من خلاله توصيل رسالة مفادها أن السفارة السعودية في بيروت «تحت المجهر»، وهو ما يحتم على حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الحذر والتعامل بجدية تامة مع تلك التهديدات، خاصة وأن تاريخ النظام الإيراني حافل باستهداف الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، فمن ينسى مثلاً استهداف هذا النظام للسفارة الأمريكية في طهران في نوفمبر عام 1979، واستهداف مقر السفارة السعودية في طهران في عامي 1987، 2016، واستهداف السفارة البريطانية أيضاً في نوفمبر 2011، واعتداء جماعات راديكالية تابعة لإيران على مبنى السفارة البحرينية في لندن في 2017.

لذلك، فإن تهديد النظام الإيراني وعملائه بين فترة وأخرى باستهداف البعثات الدبلوماسية أمر ليس مستغرباً منه، ومنها ذلك العميل الذي هدد السفارة السعودية في لبنان، والذي هو بحسب مصادر إعلامية، تعود أصوله إلى الأحساء، ويقيم في لبنان منذ عدة سنوات، ويعيش في كنف حزب الله الإرهابي اللبناني، وهو متهم بجرائم إرهاب وتمويل أنشطة إرهابية داخل المملكة التي أصدرت بحقه حكماً بجرائم الإرهاب وتمويله في 2017، ولكنه تمكن من الفرار إلى العراق ومنها إلى سوريا قبل أن يستقر في جنوب لبنان، أي أنه مطلوب للعدالة السعودية، وهذا ما يضاعف المسؤولية على لبنان التي تؤوي مجرماً فاراً على أراضيها.

صحيح أن الحكومة اللبنانية أخذت تلك التهديدات بشكل جدي، وأن وزير الداخلية اللبناني أصدر بعض القرارات، ولكن ما يهم هو ضرورة التعامل بحزم مع هذا العميل التابع لإيران وحزب الله الذي يهدد مستقبل العلاقات السعودية اللبنانية والتي لا تستحمل مزيداً من الأخطاء والتساهل من قبل الطرف اللبناني، خاصة وأن تهديد النظام الإيراني وتوابعه وعملائه باستهداف السفارة السعودية أو غيرها من البعثات الدبلوماسية يعد عملاً إرهابياً يمارسه النظام باحترافية نابعة من خبرات سابقة، وهو ما يجب صده ومواجهته قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه، فتهتز مجدداً العلاقات بين البلدين التي لاتزال آثار شروخها السابقة موجودة، لذلك فإن الحكومة اللبنانية وجدت نفسها مجدداً أمام تحدٍ جديد أو متجدد، فإما أن تنجح فيه أو ستجد نفسها في وضع صعب، بسبب إيوائها لإرهابيين يستغلون أرضها لتهديد أمن واستقرار ومستقبل علاقات دول عربية شقيقة للبنان.