الرأي

حي اليهود

ما يقوله كل الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» في البلاد العربية عندما يقررون الترويج لقصة ما بغية بيعها على العامة هو «تأكد لنا». فيقولون مثلاً «تأكد لنا أن فلاناً الذي كان متواجداً في مجلس سين هو الذي وشى به وكان السبب في حبسه» و«تأكد لنا أن صاداً متورط في قضايا فساد وأنه تم التستر عليه لأن في هذا خطراً على مجموعة من كبار الفاسدين» و«تأكد لنا أن المجموعة الفلانية المحسوبة على فلان أو علان هي التي سهلت عملية تهريب المخدرات أو الأسلحة وأن العملية هي لصالح عين أو شين».

في هذا السياق يأتي الترويج لفكرة مفادها أن البلدان التي أقامت أخيراً علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تعمل على تأسيس أحياء يهودية في عواصمها وأن هذا الأمر من ضمن البنود السرية في الاتفاقيات التي تم توقيعها وأنها اتخذت قرارها بمحاصرة هذه الفئة أو تلك في هذا المكان أو ذاك ليسهل لها ذلك!

المثير أنهم يروجون لهكذا أفكار وكأنهم شهدوا لحظة اتخاذ تلك القرارات وأنهم جزء منها. يفعلون ذلك رغم عدم توفر الدليل على ما يقولون، أو أن من أدلتهم أنه «سمعوا أن سيناً أو صاداً عرض مبلغاً خيالياً لشراء بيت قديم ليكون نواة ذلك الحي» وأن هذه هي الطريقة نفسها التي تم بها الاستحواذ على الكثير من الأراضي في فلسطين.

وفي هذا السياق أيضاً قاموا بتأليف العديد من الحكايات التي يرون أنها يمكن أن تدعم تفكيرهم الناقص وتصورهم المريض فوزعوا الاتهامات يمنة ويسرة ولم يعتقوا أحداً ووضعوا ما يشاؤون من سيناريوهات لعلهم يتمكنون من الترويج لأفكارهم.

من الحقائق التي يعرفونها ولكن يتهربون منها أن اتخاذ الدول قراراً بإنشاء حي لهذه الفئة أو تلك في هذه المنطقة أو تلك ليس بالقرار الصعب ويمكن اتخاذه في أي وقت وتنفيذه بطرق شتى. تماماً مثلما كان قرار إقامة علاقات مع إسرائيل والتي هي اليوم واقع يفرض نفسه رغم كل شيء.