الرأي

يحشدون للحرب ولا يحشدون للسلام

أخطر كائن على هذا الكون هو الإنسان نفسه، الذي يحشد كل جهوده من أجل القضاء على نفسه، فلا يوجد كائن تسبب في انقراض كائن حي آخر سوى الإنسان، فجرائمه طالت الكون كله في البر والبحر والجو.

فعندما تقوم حرب يكتفي قادة العالم بالشجب ويبحثون عن المصالح التي قد يجنونها من وراء هذه الحرب سواء بالحصول على مكتسبات أو تصدير أسلحتهم لجهة من جهات الحرب، ومن يصورون أنفسهم على أنهم شرطة الكون لم تجدهم يتدخلون لإنفاذ القانون من أجل حماية المدنيين في أي حرب اشتعلت على وجه هذا الكوكب، ولكن عندما الأمر يتعلق بانحياز أو تكتل تجدهم يحشدون السلاح بكل قوتهم، فلنحسب سعر الأسلحة التي تم تقديمها لأوكرانيا من قبل دول أوروبا أو الناتو أو التي استخدمتها روسيا من أجل فرض رؤيتها على أرض الواقع فسنجد أنها تكفي للقضاء على التصحر والتخلص من مشاكل المناخ، ولإطعام كل الجائعين في العالم.

كثيراً ما نجد بعض المفكرين يصورون الألفية الثالثة على أنها ألفية الجنون، وأن العديد من مناطق النزاع بسبب قادة تملكهم الجنون، ولكن الألفية بريئة والبشر متعطشون للدماء منذ قتل قابل هابيل، فمن أحرق روما سوى نيرون، ومن تسبب في انتشار الطاعون في أفريقيا سوى الاستعمار الأوروبي، ومن قضى على سكان الأمريكتين الأصليتين سوى المستعمر الأوروبي ومن استخدم القنابل الكيماوية وبعدها القنابل الذرية وقتل الآلاف، لم يتوقف الإنسان ولم يجمح أطماعه قط، حتى عندما أقام منظمة الأمم المتحدة كانت يتخللها النفوذ والتحيز لجهة المنتصر دون عدالة منجزة، ولنا في ما يحدث في مينمار وفلسطين أسوة.

إن البشر نسوا أنهم كلهم لآدم وحواء، وأن أصلهم واحد وأصبحوا يحاولون فرض هيمنتهم على بعضهم البعض، فيتشدقون بالسلام ولا يعملون له، ويتشدقون بالإنسانية ويخفون وراءها أقنعة الوحوش التي تلتهم حقوق الشعوب المستضعفة وتستغل ثرواتها كما يفعلون مع الشعوب الأفريقية وينعتونهم بالتخلف لأنهم حرموا من التعليم الذي تتمتع به الشعوب المستعمرة التي استغلت ثرواتهم من أجل تحقيق الرفاهية والعلم لأبناء شعوبهم فقط.

متى يتعلم من يصورون أنفسهم على أنهم قادة العالم أن يعملوا من أجل البشرية والسلام بين البشر، فلماذا لا تتنازل إحدى الدول العظمى من أجل الإفراج عن القمح والأغذية المحجوبة في المخازن الأوكرانية، فكم من طفل معرض للجوع بسبب التعنت، وبعض الدول العظمى حرمت دولاً من زراعة القمح، فهل ستعوضها عن نقص الحبوب، وكيف للولايات المتحدة التي تضغط بكل قوتها من أجل انخفاض أسعار البترول فلماذا لا تعمل على خفض أسعار الأغذية، فالعالم يستطيع أن يطعم كل فم ولكنهم يحشدون فقط من أجل الحرب.